قفزت حركة مجتمع السلم فجأة إلى صف المعارضة لتهاجم التحالف الرئاسي الحاكم، وهي التي تشكل أحد أضلاعه الثلاثة، ودعت إلى ثورة بيضاء تمس كافة مفاصل الدولة، على غرار ما يحدث في البلدان العربية، وفي مقدمتها إجراء مراجعة شاملة للدستور، وحجز ممتلكات الفاسدين.
أبو جرة سلطاني وفي "خرجة" فاجأت حتى بعض قياديي حزبه، رفع جملة مطالب أقل ما يقال عنها أنها أقرب ما تكون إلى تلك التي رفعها الثوار المصريون في ميدان التحرير، وقال: "في ظل التحولات المتسارعة التي يعيشها الوطن العربي كله.. من المصلحة الوطنية المبادرة بمراجعة شاملة للدستور".
وشدد سلطاني في كلمته التي ألقاها في افتتاح الندوة الوطنية للاستشراف، على أن التعديل الدستوري ينبغي أن يحدد العهدات الرئاسية بـ "واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة"، ويؤسس لـ"الانتقال بشكل واضح إلى النظام البرلماني، والفصل الواضح بين السلطات، وإطلاق الحريات وفي مقدمتها الحريات السياسية والإعلامية والنقابية والمجتمعية"، وذلك بهدف "كسر الاحتكار السياسي للسلطة والثروة، وإعادة بناء الثقة بين السلطة والمجتمع".
"الانتفاضة البيضاء" التي دعا إليها الرجل الأول في حركة مجتمع السلم، ذهبت بعيدا في انتقادها للواقع المعيش، سيما ما تعلق منها بتفشي ظاهرة الفساد، مؤكدا على ضرورة "وضع آلية لاسترجاع الأموال المنهوبة، والحجز على ممتلكات الأشخاص الضالعين في الفساد، داخل الوطن وخارجه"، علما أن أبو جرة كان قد هدد بكشف أسماء كبيرة متورطة في الفساد إلا أنه أحجم، رغم إلحاح رئيس الجمهورية على تسلمها.
وانتقد رئيس "حمس" الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة مؤخرا، والتي عالجت انشغالات تتعلق السكن والتشغيل، وقرأ فيها تغليبا للجانب الاجتماعي على حساب الشق السياسي، وطالب بـ"أولوية السياسي على الاجتماعي"، على اعتبار أن الاحتجاجات التي شهدتها دولا عربية وتسببت في سقوط أنظمة في انتظار البقية "كان سببها الظاهر اجتماعيا، ولكن عمقها أصبح سياسيا عندما كشف الرأي العام عن خطورة سياسة احتكار السلطة والثروة لجهة واحدة، وغلق باب التداول الديمقراطي بالتأبيد أو التمديد أو التوريث".
وحمل أبو جرة على سياسة الحكومة قائلا بأنها لم تعد تفهم سوى "لغة الشارع ولا تستجيب إلا تحت ضغط الاحتجاجات"، في إشارة إلى الحركات المطلبية التي استعمل أصحابها الحرق والتخريب وقطع الطرقات، لتحقيق أغراضهم وهو ما تعاطت معه السلطة إيجابا، مشددا على ضرورة القيام بمراجعات عميقة وعاجلة لقانون الانتخابات وقانون البلدية، وحياد الإدارة في المواعيد الانتخابية، وشطب كل المواد القانونية ذات الصلة بالمأساة الوطنية وفي مقدمتها المرسوم التنفيذي 93 - 54، وإسقاط المتابعات القضائية ضد أصحاب الرأي مثل الصحفي والإمام، واستكمال مسح ديون التجار والحرفيين، وإعطاء صلاحيات أوسع للسلطة القضائية.
"النيران الصديقة" لأبي جرة لم يسلم منها حتى رفقاؤه في التحالف الرئاسي، وفي مقدمتهما جبهة التحرير التي "ليس بيدها شيء" على حد تعبير المتحدث، الذي أكد على أن تحالف حمس كان مع الرئيس بوتفليقة وليس مع جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي.