.
( بسم الله الرّحمن الرحيم )خواطر من آخر الليل
يُقبل اللّيلُ كعادتِه بكلّ وقارِ في ردائهِ الأسود ..
يَضربُ موعداً لا يتخلّف عنه ..
تصعدُ الأرواح إلى بارئها ، تطيرُ إليه على أجنحةِ الشوق ..
فربّما فارقَتْ ثمّ عادتْ .. وربّما اعتزلتْ بلا عودةٍ ..
الّروح في الحالينِ تعيش الفراقْ ..
إن عادت لصاحبها فارقتْ بارئها ..
وإن عادتْ لبارئها فارقتْ صاحبها ..
ولكنْ ،
ما عساها تفعلُ بصحبةِ جسدٍ أعطى الدّنية في أمور دينهِ ، وولّى على أعقابهِ ..؟
ماذا تفعل بصحبةِ من لم يحملْ منَ الإسلام إلا اسْمه ؟ ولا علِمَ من القرآن إلا رسمهْ !!
ثمّ ينقضي اللّيلُ حاملاً معه أسرارهُ ، ويُقبِل الفجرُ يُلقي أسدالهُ ..
فجرُ يومِ جديدْ ، على عملكَـ شهيدْ ..
تعمّ الدّنيا السّكينة ، وتغشى النّاسَ الرحمةَ ..
رحمةُ الموتْ ، نعمْ صدّقوني ، إنّ الموتَ رحمه ..
لا يهدأ هذا الوجود ُ إلا إذا حضرَ النّومُ بسلطانه ..
فعندها فقط يعكِف الجسدُ على إصلاحِ خلاياه التي تمزّقت
في سبيل إمدادكِـ بالطّاقة اللازمة لتقوَى على فعل الخيرِ لا الشّر ..
عندها أيضاً ، تتوقف العِداءات والمشاحنات ، ولو لحينِ قليل ..
وآهٍ،
آهٍ لو تزامن رفعُ الجفنِ بعدَ إغماض ، مع آذان الفجرِ ..
تستيقظُ على عذوبةِ صوتِ المؤذّن المهلّل المكبّر ..
تتفجّر بداخلكـ مشاعر الإيمان ..
تتفجّر كأنهارِ من طمأنينة لا تنتهي ..
تمتدّ سواقيها لتذيب قطعةً تجمّدتْ ..
لتغسلَ مُضغةً تلطّختْ ..
ولتسوّيَ مِهجةَ تشوّهتْ ..
هو إذاً يومٌ مميّز ، وإن خَلى من المسرّات ..!
يومٌ استيقظتَ فيه على الفطرة !
عشتَ منه ثوانيَ هكذا كما خلقكَـ الله ..!
لم تخرجْ بعدُ إلى الدّنيا ، لم تبدأ ذلكَـ العدوَ المُضني في الفلاة ..
لم يسيطرْ عليكَـ شعورُ التّملكـ ، لم تعتلكَـ سحابة الأنا ..
لازلتَ أنتَ كما أنتَ ، ذلكَ الغلامُ الذي لمّا يبلغِ الفِطام !
لازلتَ تدعو إلى الخير ـ تأمر بالبرّ ، وتنهى عن الشّر ..
وهكـذا ، ينبغي لمِثلكَـ - دوماً - أن
..
أنْ يكونْ
أنْ يكونْ
أنْ يكون
AMAL