أجمع خبراء اقتصاديون على أن غياب الرؤية والقراءة المستقبليتين لدى الدولة، يجعل الحكومة تتخذ قرارات متناقضة، ما سيضيع على الجزائر فرصة الموارد المالية المتوفرة التي تمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية والانتقال إلى اقتصاد خارج المحروقات، حتى وإن استحسنوا قرارات مجلس الوزراء الأخير.
اعتبر الخبير الاقتصادي عبدالحق لعميري، في لقاء حول المؤسسة نظم بمقر جريدة ''ليبرتي''، أمس الأول، أن تعدد مصادر اتخاذ القرار في الجزائر من أسباب إصدار إجراءات حكومية متناقضة ويدفع إلى سن قانون ثم إلغائه في فترة وجيزة، مثل ما وقع بالنسبة لإلزامية التعامل بالصكوك البنكية في صفقات 50 مليون سنتيم وما فوق.
وأوضح لعميري أن عدم الاستقرار التشريعي في الجزائر أمر طبيعي، فلا توجد هيئة استراتيجية تكون بمثابة الدماغ التي تقدم قراءة واضحة تعتمدها الحكومة كأساس لاتخاذ القرارات. وأضاف الخبير أن القرارات المتخذة في مجلس الوزراء الأخير، مشجعة غير أنه ألمح إلى إمكانية التراجع عنها هي أيضا في ظل تعدد مصادر القرار في الجزائر.
من جهته، شدد الخبير عبدالمجيد بوزيدي أن قرارات المجلس المذكور جيدة، لكنها لم تحترم المسار الواجب أن تتخذه القرارات الصائبة حتى تجلب حولها الإجماع. الواجب، حسب المتحدث، أن تسبق قبل إصدار القرار عمليات التشاور والتشخيص وتشمل كل المعنيين به، الأمر الذي تم تجاوزه من طرف السلطات العمومية.
وفي تشخيصه لوضع المؤسسة الجزائرية، قال بوزيدي إن عدد المؤسسات في الجزائر قد تجاوز 400 ألف و96 بالمائة من تلك المؤسسات المصنفة كونها مصغرة، في حين لا تتعدى نسبة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 4 بالمائة. هذه الأرقام تكشف أن الاقتصاد الجزائري إذا استمر على ما هو عليه سيظل معتمدا على قطاع المحروقات رغم توفر القدرات ومنها المالية.
وفي السياق ذاته، أعاب المتحدث أن تذهب الموارد المالية للجزائر إلى الإنفاق العمومي، في وقت كان يجب أن يخصص أغلبها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وقال إن انعكاسات المبالغة في الإنفاق العمومي تتمثل في امتصاص السيولة النقدية من طرف في الساحة المالية، وهو ما يجعل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غير قادرة على بعث مشاريع وتحقيق الثروة أمام صعوبات في الحصول على تمويلات. وأضاف الخبير الاقتصادي أنه من المفروض أن توجه السيولة النقدية المتوفرة في الساحة المالية نحو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 75 بالمائة، ومنح هذه الأخيرة الأولوية في الدعم والاقتداء بالتجربة الأمريكية التي بعثتها سنة 1952 أو التجربة الفرنسية المطبقة منذ .2006
من جانب آخر، رأى بوزيدي أن الدولة لا تستطيع أن تسير الأموال المتوفرة لديها وغير قادرة على ضبط الاقتصاد الجزائري. وأضاف أن القرارات المتخذة في مجلس الوزراء الأخير كانت مشجعة. لكنه تساءل: هل لدينا فريق حكومي يمكنه أن يوصل الجزائر إلى اقتصاد قوي يعتمد على قطاعات خارج المحروقات خلال 5 أو 6 سنوات قادمة؟