انتقد المقاولون والمتعاملون ما وصفوها "البيروقراطية الزائدة" التي تتعامل بها الخزينة العمومية مع زبائنها، وحمّلوا الخزينة مسؤولية خسارة الآلاف من مناصب الشغل في الفترة الممتدة ما بين 25 ديسمبر و25 مارس من كل سنة، وهي الفترة التي عادة ما توجهها الخزينة العمومية لإعداد الحصيلة المالية للسنة المنقضية.
ودعا مولود خلوفي رئيس الجمعية الوطنية للمقاولين العموميين الحكومة إلى التدخل من أجل وقف ما سماها "الممارسات اللا قانونية" التي تتعامل بها الخزينة العمومية مع المقاولين ورجال الأعمال، وقال "لم تتوقف معاناة المقاولين عند تحصيل 1500 مليار سنتيم في صورة ديون متراكمة على المؤسسات العمومية، بل تعدته إلى عرقلة تحصيلهم لمستحقاتهم خلال الثلاثي الأول من كل سنة"، وهو ما يتسبب في تراجع نشاطهم بنسبة 60 بالمائة، مع ما ينجر عن ذلك من تداعيات على مناصب الشغل، في وقت تسابق الحكومة الزمن من أجل محاربة ظاهرة البطالة.
وذكر المتحدث في اتصال مع "الشروق" أن "الخزينة العمومية قررت السنة الحالية تمديد مدة تعليقها لعملياتها المالية إلى نهاية أفريل على غير العادة، بعدما كانت تنتهي في 25 مارس"، وهو ما اعتبره تعديا صارخا على قوانين الجمهورية، التي تؤكد على أن الثاني جانفي من كل سنة يشهد أولى العمليات المالية للسنة الجديدة، بعد بدء العمل بقانون المالية الجديد.
واستغرب ممثل المقاولين المعايير المزدوجة التي تتعامل بها الحكومة، ففي الوقت الذي تعمد فيه مصالح الضرائب ومصالح التأمينات الاجتماعية على اختلافها، يقول خلوفي، إلى تسليط عقوبات صارمة ضد كل من يتخلّف عن الوفاء بالتزاماته المالية من المقاولين وغيرهم من المتعاملين، تبقى ممارسات وبيروقراطية الخزينة العمومية بعيدة عن أية متابعة رسمية.
دعا المتحدث الحكومة إلى الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة وحتى المجاورة، قائلا بأنها تشرع في الثاني جانفي من كل سنة في تسديد نسبة 70 بالمائة من العمليات المالية التي تمت في السنة المنقضية، حرصا منها على دعم نشاط المقاولة وخلق فرص جديدة للعمل، مشيرا إلى أن "هذا الانشغال تم رفعه للحكومة في العديد من المناسبات، وكان آخرها خلال الجلسات التي انتظمت مؤخرا، غير أن هذه لم تعرها الحكومة الاهتمام المطلوب"، يضيف محمد خلوفي.